لفين يابابور
ذكريات الزمن الجميل
بابور الكاز:
إذا كانت "الطبلية" جوهرة المطبخ فإن "بابور الكاز" (البريموس) هو "سلطان" المطبخ" رغم بساطته بالمقارنة مع طباخات وأفران الغاز الحالية، إذ كان يستخدم للطبخ والغسيل والاستحمام وتسخين الماء. وكان يتألف "البابور" من ثلاثة أرجل ورأس وجرس وخزّان نحاسي ودفّاش ومكان للتنفيس محكم الإغلاق من خلاله ينطفئ "البابور "ويوضع من خلاله الكاز داخل الخزّان.
فمع تقدم ساعات النهار، بعدما يكون الرجال قد توجهت إلى أعمالها التي غالباً ما كانت في البلد وأسواقها (وسط بيروت)، والتلاميذ إلى مدارسهم أو إلى "الكتاتيب"، تنكب النسوة في تحضير وطهي الطبخة، بعد الانتهاء من تحضير مستلزماتها على "بابور الكاز"، فتمتزج رائحة الطعام الأخاذة مع صوت هدير "بابور" الكاز، الذي كانت تألفه الآذان رغم ما يتسبب به من إزعاج وتلوث سمعي.
وبانتظار أن "تستوي" الطبخة كانت ستات البيوت يتجمعن على عتبات باب "الزقاق" (كانت بمثابة صبحيات الجيران ذلك الزمن) فيسردن قصص بيوتهن وأحوال الأزواج والأولاد، وتتباهى كل واحدة منهن بقدرتها على التوفير والتدريب، وبين الفينة والفينة يدخلن مجدداً إلى المطبخ لل"التشقير" (مراقبة) على الطبخة، ثم يستكملن حديثهن مع ركوة القهوة التي تكون دائماً الجامع المشترك بينهن. فيقضون الوقت على هذه الحال إلى أن تنضج الطبخة وتستوي، فيدخلن مجدداً إلى بيوتهن للمباشرة بالأعمال المنزلية المعتادة يومياً من تكنيس وشطف وتعزيل.
تعليقات
إرسال تعليق