ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ
ﻳُﻌﺮﻑ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻧّﻪ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﻟﻠﺤﻖّ، ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﺇﻧﻪ ﺧﻔﺾ ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ ﻟﻠﺨﻠﻖ، ﻭﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﻢ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻟﻴﻨﺔ ﻭﻃﻴﺒﺔ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ : ﺇﻧَّﻪ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﻀﻴﻞ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻟﻠﺤﻖ ﻭﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻟﻪ، ﻭﻗﺒﻮﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺗﻢ ﺍﺳﺘﻤﺎﻋﻪ ﻣﻦ ﺻﺒﻲ، ﺃﻭ ﻣﻦ ﺃﺟﻬﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥَّ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﻫﻮ ﺗﻬﺬﻳﺐ ﻟﻠﻄﺒﺎﻉ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻨﺰﻋﺎﺕ ﺍﻟﻔﻄﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻛﺒﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﺍﻟﻐﺮﻭﺭ .
ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻳﺘﻤﺜﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﻓﻲ ﺃﻧَّﻪ ﺳﺮّ ﻛﻞ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻭﺭﻓﻌﺔ، ﻭﻫﻲ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻭﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻟﻘﺪ ﺑﺸّﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﺑﺎﻟﺮﻓﻌﺔ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ : ( ﻣﺎ ﻧﻘَﺼَﺖْ ﺻَﺪَﻗﺔٌ ﻣِﻦ ﻣﺎﻝٍ، ﻭﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋﺒﺪًﺍ ﺑﻌَﻔْﻮٍ ﺇﻟَّﺎ ﻋِﺰًّﺍ، ﻭﻣﺎ ﺗَﻮﺍﺿَﻊَ ﺃَﺣﺪٌ ﻟﻠﻪِ ﺇﻟَّﺎ ﺭﻓَﻌَﻪ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋﺰَّ ﻭﺟَﻞَّ ) ، ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻦ ﺧﺼﻠﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺑﻌﺪﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺇﺑﻠﻴﺲ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻃُﺮﺩ ﺑﺴﺒﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻊ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺤﺒﻮﺑﺎً ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻗﺮﻳﺒﺎً ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻗﺪ ﺻﺪﻕ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﻘﻲ
ﻭﺑﻪ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻲ ﻳﺮﺗﻘﻲ
ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ
ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﺟﻮﺩ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻭﻣﻈﺎﻫﺮ ﺗﺪﻝُّ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ .
ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻴﻬﻢ .
ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺮﺃﻓﺔ، ﻭﺍﻹﻳﺜﺎﺭ ﻟﻬﻢ .
ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺍﺕ ﻭﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻷﻃﻌﻤﺔ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .
ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺮﻓّﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻠﺒﺎﺱ، ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ .
ﻋﺪﻡ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ .
ﺗﻄﻴﻴﺐ ﺧﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ .
ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ
ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﺑﻔﻮﺍﺋﺪﻩ ﺍﻟﺠﻤّﺔ، ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
ﻧﻴﻞ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ .
ﺍﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﺄﻋﻈﻢ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺣُﺴْﻦ ﺍﻟﺨُﻠُﻖ .
ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ .
ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭﺍﻟﻔﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ .
ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻓﺴﺎﺩ .
ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ
تعليقات
إرسال تعليق